Saturday, February 21, 2015

الكتاب الأكبر

مهما كنت مؤمن بأى دين فالمنطق البسيط يقول ان الإله خلق نواميس الكون قبل خلق النصوص المقدسة والأديان ذاتها، قوانين الطبيعة هى اكبر كتاب مقدسحيث ان الله خلق الكون  بإرادته النافذة ،فكل القوانين الفيزيائية والقواعد الكونية هى فى ذاتها رسايل من الإله قبل أن توجد الكتب ( على الأقل قبل أن تتنزل لنا) ودراسة قوانين الطبيعة، والتعرف عليها، هو دراسة فلسفية بقدر ماهو دراسة مادية ،لا خلاف بين الإثنين ،اذا كنت مقتنع بالمادة او بالإله لا فرق.التدقيق فى نواميس الكون (علوم الطبيعة)، هو بذاته التعرف على الخالق من خلال خلقه ،هو بذاته دين ما قبل الدين.فحين تنظر للمعروف من علوم الطبيعة بإعتبارها ارادة نافذة للإله ،وقتها لا يصبح هنا اى تعارض بين المعلوم والمستنبط والغيبى.وتوقع دائما ان تجرى تلك القواعد الصارمة، البلاتفورم الذى نعيش من خلاله على الكل وطوال الوقت.هذا البلاتفورم الفيزيائى يبدوا من خلال مراقبته عادل للغاية ويبدوا دائما محافظا على عدله ويستطيع صيانة نفسه بشكل مستدام من خلال قوانيه.ويجوز التأمل فى قانون نيوتن "لكل فعل رد فعل مساوى له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه" بالضبط كما تتأمل فى نص مقدس تؤمن به ايا ما كان دينك.

أخص بالذكر قانون نيوتن لرد الفعل لأنه ربما يساعد فى فهم ما حدث وما يحدث وما سيحدث "لكل فعل رد فعل مساوى له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه"يمكن ملاحظة قانون رد الفعل فى الحياة الآدمية وتصرفات البشر بقدر ما يمكن ملاحظته فى الطبيعة ولكن يغيب عن معظم الناس نفاذ هذا الناموسلأن حياتهم قصيرة جدا كي يلاحظوه، أو لأنهم مشغولين جدا كي يحاولوا من الأساس.الأكيد أن البلاتفوم الطبيعى، سواء كان من صنع الصدفة او من صنع إله عاقل فهو ثابت ويسرى على الكل ولا يمكن كسره، حتى أن الطريقة التى اختارهاالأنبياء لإثبات أنهم على صلة بمصدر هذا البلاتفورم، كانت كسره، فيما يسمى بالمعجزات، أنا اكسر البلاتفورم إذا أنا على صلة لا تنكر بصانعه.
الأكيد والذى لا يختلف عليه مؤمن وملحد، ان البلاتفورم عادل إلى درجة القسوة، إن البراكين بكل ما تصببه من كوارث هى ما يحفظ الأرض من الإنفجار تحت ضغط الحمم.
ومثل البراكين تستطيع ان تطبق أمثلة عديدة تبدوا مرة ومؤلمة لكنها فى النهاية تهدف إلى اتزان البلاتفورم وصيانته وديموته.
والعدل المقصود هنا هو الميل إلى الإتزان، تعمل قوانين البلاتفورم دائما على العودة إلى الاتزان بهدف الإستدامة،
ويمكن تطبيق المبدأ على البشراذا تأملت الكون كبلاتفورم يتصرف دائما كي يعود إلى حالة الإتزان، واذا سلمت بأن البشر هم المخلوق الوحيد صاحب الإرادة الحرة لفهمت الدين فهم المتدين هنا لا يختلف عن فهم الملحد، فالنتيجة المنطقية الوحيدة هى ان تصرفاتك وإرادتك الحرة يجب ان تتماشى مع البلاتفورم فى سعيه للإتزانلا تتوقعوا أبدا ان البلاتفورم سيقف ساكنا أمام تدميرنا للكوكب، لا تتوقعوا انه سيقف ساكنا أمام من يمارس فعلا جائرا، الفضيلة = الإتزان.
أقول هذه المقدمة كى أهون القادم على رقاق القلوب ،إن الإتجاه للإتزان سيكون عنيفا ان كان كسر التوازن عنيفا